بعد أكثر من نصف قرن من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، بات واضحاً للمجتمع الدولي أن القضية لم تكن يوماً نزاعاً ترابياً، بقدر ما كانت صراعاً على الشرعية والسيادة والثوابت الوطنية. فقد ظلت الجزائر، على مدى عقود، تُغذي الوهم الانفصالي خارج منطق التاريخ والجغرافيا وروابط الأخوة الإسلامية.
اليوم تغيّر المشهد الدولي جذرياً؛ إذ لم يعد العالم يتحدث عن “النزاع”، بل عن “الحل”، بعدما أصبح مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 يُشكل رؤية استراتيجية واقعية لتحقيق السلم الإقليمي، تحفظ ماء وجه الجميع وتفتح آفاقاً رحبة للتعاون والتنمية في منطقة الساحل والمغرب العربي.
فمنذ اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية في دجنبر 2020، أضحى هذا الموقف قاعدة راسخة في السياسة الخارجية الأمريكية، لا رجعة فيها. وقد تعزز هذا الاتجاه بانضمام دول كبرى مثل فرنسا وروسيا وبريطانيا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، إلى منطق الواقعية السياسية والدبلوماسية، مما جعل المناورات الجزائرية خارج السياق الدولي والتاريخي.
الجزائر التي أنفقت مليارات الدولارات على دعم وهم الانفصال، تجد نفسها اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الانخراط في مسار السلام الحقيقي وبناء مستقبل مغاربي مشترك، أو الاستمرار في المراوغة ودفع ثمن العزلة والاضطرابات الداخلية والعقوبات الخارجية.
أما المغرب، فقد اختار بوضوح طريق الشرعية والمشروعية، ماضياً بثقة في مشروعه الوطني الوحدوي، مستنداً إلى دعم دولي متنامٍ يرى في الصحراء المغربية ركيزة للاستقرار الإقليمي والأمن المشترك في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.
